في عالمٍ يختلط فيه الظلام بالعلم، ويصير العقل الحاد أداة خطيرة إذا تجرّد من الضمير، يولد هذا العمل الأدبي المذهل: طبيب الجريمة للكاتب إرنست ويليام هورنونغ. رواية تقف عند الحد الفاصل بين الطب والشر، بين العبقرية والجريمة، وتفتح نافذة على أغوار نفسٍ بشرية قررت أن تستخدم أعظم ما لديها من معرفة لتسلك أعتى طرق الانحراف.
الرواية ترسم ملامح شخصية غامضة، طبيب بارع لا يكتفي بعلاج الأجساد، بل يملك القدرة على التلاعب بالعقول والخداع، ليغدو سيدًا للجريمة المنظمة وخصمًا لا يُقهر. هورنونغ ببراعة قلمه يجعل القارئ يعيش تفاصيل لندن الكلاسيكية، حيث الأزقة المظلمة، والمكاتب المليئة بالملفات السرية، والوجوه التي تخفي أكثر مما تُظهر.
ما يميز طبيب الجريمة أنه لا يضع القارئ في دور المحقق الباحث عن الحقيقة فحسب، بل يجرّه إلى زاوية المجرم، ويجعله يرى العالم من منظور آخر: منظور العبقري الخارج عن القانون. وهنا تبرز عبقرية هورنونغ، إذ يحوّل القارئ من قاضٍ يحاكم الشر، إلى شاهد مأخوذ بسحره، يتساءل طوال القراءة:
الكتاب ليس مجرد قصة بوليسية عابرة، بل هو رحلة أدبية نفسية تسائل الإنسان في أعمق ما فيه: نوازعه، رغباته، وصراعه مع ذاته. ومع الترجمة الرشيقة التي قدّمتها أسماء الطيبي، يتدفق النص بسلاسة، فيحافظ على روحه الإنجليزية الأصلية، ويصل إلى القارئ العربي بمستوى عالٍ من الدقة والجمال.
هذه الرواية الكلاسيكية الفريدة تصلح لعشاق:
📖 طبيب الجريمة ليس كتابًا تقرأه فحسب، بل تجربة غامرة تجعلك ترى العالم من عيون مختلفة، حيث قد يتحول الذكاء إلى خنجر، والعلم إلى سلاح، والإنسان إلى لغزٍ لم يُكتشف بعد.